إذاعة الشرق
أعلنت الحكومة الفرنسية عن بدء تنفيذ نظام جديد للعقوبات بحق طالبي العمل، يشمل كذلك مستفيدي دخل التضامن الاجتماعي النشط (RSA)، وذلك بموجب مرسوم نُشر في الجريدة الرسمية، كجزء من تطبيق قانون “العمل الكامل” الصادر عام 2023.
ما هو النظام الاجتماعي النشط RSA
“دخل التضامن النشط” (RSA – Revenu de Solidarité Active) قد تبدو الترجمة الرسمية للكلمة غير مفهومة لذلك يعتمد البعض ترجمات أخرى مثل: دخل التضامن الاجتماعي الفعّال، أو معونة التضامن للاندماج المهني. وهي مساعدة اجتماعية مالية شهرية تُقدَّم في فرنسا للأشخاص ذوي الدخل المنخفض أو الذين لا يعملون، بهدف ضمان حد أدنى من المعيشة ومساعدتهم على الاندماج المهني. يُمنح هذا الدخل بشروط، منها الالتزام بالبحث الفعلي عن عمل والمشاركة في برامج إدماج مهني.
النظام الجديد وأهم التغيرات
النظام الجديد، المعروف باسم “التعليق – إعادة التحفيز”، يهدف إلى تشجيع الالتزام الفعلي بإجراءات البحث عن العمل، مع الحفاظ على منطق الدعم الاجتماعي، وتفادي الطرد التلقائي من منظومة المساعدات.
بموجب هذا النظام، يتم تعليق جزء من المساعدات المالية بنسبة لا تقل عن 30% ولمدة تتراوح بين شهر وشهرين، إذا لم يحترم المستفيد الالتزامات المحددة في “عقد الالتزام”. وفي حال تكرار المخالفة، قد يُمدَّد التعليق، أو يُطبّق خفض جزئي أو كامل للمساعدة لمدة تصل إلى أربعة أشهر.

صورة تعبيرية
لكن بمجرد أن يعاود الشخص احترام التزاماته، يتم رفع التعليق واستئناف صرف المساعدات، في إطار تشجيع العودة السريعة إلى مسار الإدماج المهني. وترى وزارة العمل أن هذا النظام يقدم بديلاً أكثر توازنًا مقارنة بالإلغاء التام للمساعدات، ويهدف إلى “إعادة إشراك” المستفيدين بدلًا من معاقبتهم بشكل قاطع.
ويُعدّ توحيد نظام العقوبات بين مستفيدي RSA وباقي الباحثين عن العمل من أبرز المستجدات، حيث تم اعتماد آلية تدريجية، مرنة، قابلة للتراجع، وغير تلقائية، لضمان التناسب بين الإجراء والسلوك الفعلي. من ناحية أخرى، تؤكد الحكومة أن الفئات الأكثر هشاشة، مثل الأسر ذات العائل الوحيد أو التي لديها أطفال، ستستفيد من حماية خاصة، بحيث لا يمكن أن يتجاوز الاقتطاع من مخصصاتهم نسبة 50%.
ووفقًا لمؤسسة France Travail، فإن هذا النظام الجديد يُركّز على الجهد المبذول في البحث عن العمل وليس فقط على الحضور الشكلي إلى المواعيد، مما يُجنّب الوقوع في قرارات عقابية آلية قد تكون ظالمة. وقد أُطلقت تجربة أولية لهذا النظام في ثماني مناطق فرنسية منذ يوليو الماضي، وأظهرت المعطيات الرسمية أنه لم يُسجَّل ارتفاع ملحوظ في عدد العقوبات خلال هذه الفترة.
مع ذلك، لم يمرّ النظام الجديد دون انتقادات؛ فقد أعربت عدة جمعيات ونقابات عن خشيتها من أن يؤدي إلى تفاقم أوضاع الفقر. كما عبّر المجلس الوطني للسياسات المتعلقة بمكافحة الفقر والإقصاء الاجتماعي عن قلقه، معتبرًا أن الإجراءات الجديدة قد تزيد من هشاشة فئات المجتمع الأكثر ضعفًا وتوسع الفجوات الاجتماعية.
فاصلة تاريخية : من RMI إلى RSA
شهدت فرنسا تطورًا ملحوظًا في سياساتها الاجتماعية خلال العقود الأخيرة، خاصة في ما يتعلق بمكافحة الفقر وتعزيز الإدماج المهني. ففي عام 1988، تم إنشاء دخل الإدماج الأدنى (RMI)، كمساعدة مالية تهدف إلى توفير حد أدنى من الدخل للأشخاص العاطلين عن العمل أو غير القادرين على الكسب. وكان الهدف منه تأمين احتياجات المعيشة الأساسية، مع تشجيع المستفيدين، من حيث المبدأ، على البحث عن إدماج اجتماعي أو مهني.
إلا أن RMI تعرّض لانتقادات متكررة لأنه لم يكن مشروطًا بشكل صارم بالسعي الفعلي للعودة إلى العمل، ما دفع السلطات الفرنسية إلى مراجعة المنظومة الاجتماعية. وفي هذا السياق، تم في يونيو 2009 اعتماد دخل التضامن المرتبط بالنشاط المهني (RSA)، بديلاً لـRMI، ليكون أكثر تحفيزًا وفعالية.
جاء RSA ليجمع بين الدعم المالي والتزامات واضحة نحو الإدماج المهني، حيث يُشترط على المستفيدين توقيع “عقد التزام” يتضمن خطوات عملية نحو العودة إلى سوق العمل، مثل المشاركة في دورات تدريبية أو متابعة عروض عمل، مما يجعله أداة مزدوجة للعدالة الاجتماعية والإدماج الاقتصادي.
إذاعة الشرق
أعلنت الحكومة الفرنسية عن بدء تنفيذ نظام جديد للعقوبات بحق طالبي العمل، يشمل كذلك مستفيدي دخل التضامن الاجتماعي النشط (RSA)، وذلك بموجب مرسوم نُشر في الجريدة الرسمية، كجزء من تطبيق قانون “العمل الكامل” الصادر عام 2023.
ما هو النظام الاجتماعي النشط RSA
“دخل التضامن النشط” (RSA – Revenu de Solidarité Active) قد تبدو الترجمة الرسمية للكلمة غير مفهومة لذلك يعتمد البعض ترجمات أخرى مثل: دخل التضامن الاجتماعي الفعّال، أو معونة التضامن للاندماج المهني. وهي مساعدة اجتماعية مالية شهرية تُقدَّم في فرنسا للأشخاص ذوي الدخل المنخفض أو الذين لا يعملون، بهدف ضمان حد أدنى من المعيشة ومساعدتهم على الاندماج المهني. يُمنح هذا الدخل بشروط، منها الالتزام بالبحث الفعلي عن عمل والمشاركة في برامج إدماج مهني.
النظام الجديد وأهم التغيرات
النظام الجديد، المعروف باسم “التعليق – إعادة التحفيز”، يهدف إلى تشجيع الالتزام الفعلي بإجراءات البحث عن العمل، مع الحفاظ على منطق الدعم الاجتماعي، وتفادي الطرد التلقائي من منظومة المساعدات.
بموجب هذا النظام، يتم تعليق جزء من المساعدات المالية بنسبة لا تقل عن 30% ولمدة تتراوح بين شهر وشهرين، إذا لم يحترم المستفيد الالتزامات المحددة في “عقد الالتزام”. وفي حال تكرار المخالفة، قد يُمدَّد التعليق، أو يُطبّق خفض جزئي أو كامل للمساعدة لمدة تصل إلى أربعة أشهر.

صورة تعبيرية
لكن بمجرد أن يعاود الشخص احترام التزاماته، يتم رفع التعليق واستئناف صرف المساعدات، في إطار تشجيع العودة السريعة إلى مسار الإدماج المهني. وترى وزارة العمل أن هذا النظام يقدم بديلاً أكثر توازنًا مقارنة بالإلغاء التام للمساعدات، ويهدف إلى “إعادة إشراك” المستفيدين بدلًا من معاقبتهم بشكل قاطع.
ويُعدّ توحيد نظام العقوبات بين مستفيدي RSA وباقي الباحثين عن العمل من أبرز المستجدات، حيث تم اعتماد آلية تدريجية، مرنة، قابلة للتراجع، وغير تلقائية، لضمان التناسب بين الإجراء والسلوك الفعلي. من ناحية أخرى، تؤكد الحكومة أن الفئات الأكثر هشاشة، مثل الأسر ذات العائل الوحيد أو التي لديها أطفال، ستستفيد من حماية خاصة، بحيث لا يمكن أن يتجاوز الاقتطاع من مخصصاتهم نسبة 50%.
ووفقًا لمؤسسة France Travail، فإن هذا النظام الجديد يُركّز على الجهد المبذول في البحث عن العمل وليس فقط على الحضور الشكلي إلى المواعيد، مما يُجنّب الوقوع في قرارات عقابية آلية قد تكون ظالمة. وقد أُطلقت تجربة أولية لهذا النظام في ثماني مناطق فرنسية منذ يوليو الماضي، وأظهرت المعطيات الرسمية أنه لم يُسجَّل ارتفاع ملحوظ في عدد العقوبات خلال هذه الفترة.
مع ذلك، لم يمرّ النظام الجديد دون انتقادات؛ فقد أعربت عدة جمعيات ونقابات عن خشيتها من أن يؤدي إلى تفاقم أوضاع الفقر. كما عبّر المجلس الوطني للسياسات المتعلقة بمكافحة الفقر والإقصاء الاجتماعي عن قلقه، معتبرًا أن الإجراءات الجديدة قد تزيد من هشاشة فئات المجتمع الأكثر ضعفًا وتوسع الفجوات الاجتماعية.
فاصلة تاريخية : من RMI إلى RSA
شهدت فرنسا تطورًا ملحوظًا في سياساتها الاجتماعية خلال العقود الأخيرة، خاصة في ما يتعلق بمكافحة الفقر وتعزيز الإدماج المهني. ففي عام 1988، تم إنشاء دخل الإدماج الأدنى (RMI)، كمساعدة مالية تهدف إلى توفير حد أدنى من الدخل للأشخاص العاطلين عن العمل أو غير القادرين على الكسب. وكان الهدف منه تأمين احتياجات المعيشة الأساسية، مع تشجيع المستفيدين، من حيث المبدأ، على البحث عن إدماج اجتماعي أو مهني.
إلا أن RMI تعرّض لانتقادات متكررة لأنه لم يكن مشروطًا بشكل صارم بالسعي الفعلي للعودة إلى العمل، ما دفع السلطات الفرنسية إلى مراجعة المنظومة الاجتماعية. وفي هذا السياق، تم في يونيو 2009 اعتماد دخل التضامن المرتبط بالنشاط المهني (RSA)، بديلاً لـRMI، ليكون أكثر تحفيزًا وفعالية.
جاء RSA ليجمع بين الدعم المالي والتزامات واضحة نحو الإدماج المهني، حيث يُشترط على المستفيدين توقيع “عقد التزام” يتضمن خطوات عملية نحو العودة إلى سوق العمل، مثل المشاركة في دورات تدريبية أو متابعة عروض عمل، مما يجعله أداة مزدوجة للعدالة الاجتماعية والإدماج الاقتصادي.
