إذاعة الشرق
في مساء الرابع والعشرين من يونيو، وعبر منصة “تروث سوشيال”، ظهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ليكتب جملة قصيرة لكن ثقيلة: “تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار كامل وشامل بين إيران وإسرائيل. إيران تبدأ التنفيذ فورًا، تليها إسرائيل بعد 12 ساعة. بعد 24 ساعة… تُعلن نهاية الحرب”. كانت الساعة تشير إلى السادسة واثنتين مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، حين حُسم رسميًا أحد أخطر تصعيدات الشرق الأوسط في العقد الأخير، فيما سُمي لاحقًا بـ”حرب الاثني عشر يومًا”.
ترامب، الذي حرص على تقديم نفسه كوسيط حاسم بين الطرفين، أشار في منشوره إلى أن الهجوم الإيراني الأخير على قاعدة العديد الأمريكية في قطر جاء بعد إشعار مسبق، واصفًا الضربة بأنها “ضعيفة جدًا” وشبه رمزية، ومعربًا عن تقديره لإيران لأنها، على حد تعبيره، “تصرفت بحكمة”.
عملية “بشائر النصر” فوق سماء قطر
قبل أقل من أربع وعشرين ساعة على ذلك الإعلان، كانت الأجواء فوق الخليج العربي تشهد أحد أخطر المشاهد العسكرية منذ سنوات. الجمهورية الإسلامية الإيرانية نفذت ما أسمته “عملية بشائر النصر”، مستهدفة قاعدة العديد الجوية في قطر بعددٍ تراوح بين 14 إلى 19 صاروخًا. العملية، التي قادها الحرس الثوري الإيراني، جاءت ردًا على الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية قبلها بيوم واحد، في عملية أطلق عليها البنتاغون اسم “مطرقة منتصف الليل”.
الصواريخ أُطلقت بعد تنسيق مسبق، بحسب ما كشفت مصادر أمريكية وقطرية لاحقًا، وأُخليت القاعدة جزئيًا كإجراء احترازي. أنظمة الدفاع الجوي نجحت في اعتراض معظم الصواريخ، دون تسجيل إصابات أو أضرار مادية. واعتبر الحرس الثوري أن العملية جاءت “متوازنة ورمزية”، موضحًا أن عدد الصواريخ يعادل عدد القنابل التي استخدمتها الولايات المتحدة في قصف مواقع فوردو ونطنز وأصفهان النووية.
قطر في قلب العاصفة
كان اختيار قاعدة العديد، الواقعة داخل الأراضي القطرية، كهدف لهذا الرد الرمزي، بمثابة اختبار دقيق للعلاقات المتشابكة في المنطقة. رد فعل الدوحة جاء سريعًا: وزارة الخارجية القطرية وصفت الضربة بانتهاك صارخ للسيادة، وأعلنت عن تصدّي منظوماتها الدفاعية للهجوم بالكامل. أُغلق المجال الجوي القطري مؤقتًا، وأُلغيت بعض الرحلات، ثم عاد التشغيل بعد ساعات قليلة. قطر، في مؤتمر صحفي لا يزال حديث الإعلام الدولي، أكدت أنها تحتفظ بحق الرد المباشر والمتناسب وفقًا للقانون الدولي.
الردود الإقليمية والدولية تتكاثر… وفرنسا في صدارة الوساطة
ما إن أُعلن عن العملية الإيرانية، حتى توالت ردود الفعل. السعودية، الإمارات، البحرين، الكويت، ومجموعة من الدول العربية كالأردن، مصر، المغرب، الجزائر، وسلطنة عمان أصدرت بيانات إدانة شديدة، وأعلنت تضامنها الكامل مع قطر، مع تفعيل إجراءات أمنية احترازية داخلية شملت تعليق بعض الرحلات وتحذيرات للمجال الجوي.
أما على الصعيد الدولي، فقد لعبت فرنسا دورًا مفصليًا خلال ساعات التصعيد. الرئيس إيمانويل ماكرون، في تصريح مقتضب من قصر الإليزيه، قال: “دوامة الفوضى هذه يجب أن تنتهي”. وأضاف أن بلاده تقف بثبات إلى جانب دولة قطر، مع اتصالات متواصلة مع الشركاء الأوروبيين واللاعبين الإقليميين في المنطقة. وزير خارجيته، جان‑نويل بارو، أطلّ عبر شاشة France 2 محذرًا من “انزلاق هذا التصعيد إلى أوروبا”، مؤكدًا أن الحل لا يمكن أن يكون عسكريًا، بل سياسيًا ودبلوماسيًا فقط.
وقبل ذلك لم تكتف فرنسا بالتصريحات، جيث كانت قد قادت إلى جانب ألمانيا وبريطانيا (تحت مظلة E3 الأوروبية) دعوة عاجلة لاجتماع وزاري طارئ. وطالبت إيران بالدخول الفوري في مفاوضات جديدة مع واشنطن، لتجنّب اندلاع نزاع إقليمي واسع قد تتجاوز نيرانه الخليج ليصل إلى المتوسط وربما ما هو أبعد.
سياسة ما بعد الصواريخ
في اليوم التالي للهجوم، بدا واضحًا أن الأمور تتجه نحو التهدئة. روسيا، رغم دعمها المبدئي لإيران، دعت لضبط النفس، كما عبّر الاتحاد الأوروبي عن “قلقه البالغ”، بينما أعاد الأمين العام للأمم المتحدة التأكيد على ضرورة العودة إلى طاولة الحوار.
وسط كل هذه الأحداث، كان لافتًا أن التصعيد – رغم قسوته الظاهرية – لم يُخلّف ضحايا، ولم يُفتح المجال أمام ردود انتقامية متسلسلة. بدا وكأن الجميع كان يقف على حافة الهاوية دون نية حقيقية للسقوط. وربما كانت تلك “الإشعارات المسبقة” التي تبادلها الطرفان، هي ما أنقذ المنطقة من جولة حرب مفتوحة.
هكذا، بعد أيام من التوتر، وحملات القصف والتهديد والوساطات، عاد الحديث إلى المفاوضات. وعلى الرغم من ضبابية التفاصيل، فإن نهاية هذه الجولة لا تُخفي حقيقة أعمق: أن التهدئة – مهما بدت مؤكدة – ليست إلا هدنة معلّقة على خيط توتر دقيق، تحكمه الرسائل الصاروخية بقدر ما تحكمه الكلمات في المؤتمرات الصحفية.
إذاعة الشرق
في مساء الرابع والعشرين من يونيو، وعبر منصة “تروث سوشيال”، ظهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ليكتب جملة قصيرة لكن ثقيلة: “تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار كامل وشامل بين إيران وإسرائيل. إيران تبدأ التنفيذ فورًا، تليها إسرائيل بعد 12 ساعة. بعد 24 ساعة… تُعلن نهاية الحرب”. كانت الساعة تشير إلى السادسة واثنتين مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، حين حُسم رسميًا أحد أخطر تصعيدات الشرق الأوسط في العقد الأخير، فيما سُمي لاحقًا بـ”حرب الاثني عشر يومًا”.
ترامب، الذي حرص على تقديم نفسه كوسيط حاسم بين الطرفين، أشار في منشوره إلى أن الهجوم الإيراني الأخير على قاعدة العديد الأمريكية في قطر جاء بعد إشعار مسبق، واصفًا الضربة بأنها “ضعيفة جدًا” وشبه رمزية، ومعربًا عن تقديره لإيران لأنها، على حد تعبيره، “تصرفت بحكمة”.
عملية “بشائر النصر” فوق سماء قطر
قبل أقل من أربع وعشرين ساعة على ذلك الإعلان، كانت الأجواء فوق الخليج العربي تشهد أحد أخطر المشاهد العسكرية منذ سنوات. الجمهورية الإسلامية الإيرانية نفذت ما أسمته “عملية بشائر النصر”، مستهدفة قاعدة العديد الجوية في قطر بعددٍ تراوح بين 14 إلى 19 صاروخًا. العملية، التي قادها الحرس الثوري الإيراني، جاءت ردًا على الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية قبلها بيوم واحد، في عملية أطلق عليها البنتاغون اسم “مطرقة منتصف الليل”.
الصواريخ أُطلقت بعد تنسيق مسبق، بحسب ما كشفت مصادر أمريكية وقطرية لاحقًا، وأُخليت القاعدة جزئيًا كإجراء احترازي. أنظمة الدفاع الجوي نجحت في اعتراض معظم الصواريخ، دون تسجيل إصابات أو أضرار مادية. واعتبر الحرس الثوري أن العملية جاءت “متوازنة ورمزية”، موضحًا أن عدد الصواريخ يعادل عدد القنابل التي استخدمتها الولايات المتحدة في قصف مواقع فوردو ونطنز وأصفهان النووية.
قطر في قلب العاصفة
كان اختيار قاعدة العديد، الواقعة داخل الأراضي القطرية، كهدف لهذا الرد الرمزي، بمثابة اختبار دقيق للعلاقات المتشابكة في المنطقة. رد فعل الدوحة جاء سريعًا: وزارة الخارجية القطرية وصفت الضربة بانتهاك صارخ للسيادة، وأعلنت عن تصدّي منظوماتها الدفاعية للهجوم بالكامل. أُغلق المجال الجوي القطري مؤقتًا، وأُلغيت بعض الرحلات، ثم عاد التشغيل بعد ساعات قليلة. قطر، في مؤتمر صحفي لا يزال حديث الإعلام الدولي، أكدت أنها تحتفظ بحق الرد المباشر والمتناسب وفقًا للقانون الدولي.
الردود الإقليمية والدولية تتكاثر… وفرنسا في صدارة الوساطة
ما إن أُعلن عن العملية الإيرانية، حتى توالت ردود الفعل. السعودية، الإمارات، البحرين، الكويت، ومجموعة من الدول العربية كالأردن، مصر، المغرب، الجزائر، وسلطنة عمان أصدرت بيانات إدانة شديدة، وأعلنت تضامنها الكامل مع قطر، مع تفعيل إجراءات أمنية احترازية داخلية شملت تعليق بعض الرحلات وتحذيرات للمجال الجوي.
أما على الصعيد الدولي، فقد لعبت فرنسا دورًا مفصليًا خلال ساعات التصعيد. الرئيس إيمانويل ماكرون، في تصريح مقتضب من قصر الإليزيه، قال: “دوامة الفوضى هذه يجب أن تنتهي”. وأضاف أن بلاده تقف بثبات إلى جانب دولة قطر، مع اتصالات متواصلة مع الشركاء الأوروبيين واللاعبين الإقليميين في المنطقة. وزير خارجيته، جان‑نويل بارو، أطلّ عبر شاشة France 2 محذرًا من “انزلاق هذا التصعيد إلى أوروبا”، مؤكدًا أن الحل لا يمكن أن يكون عسكريًا، بل سياسيًا ودبلوماسيًا فقط.
وقبل ذلك لم تكتف فرنسا بالتصريحات، جيث كانت قد قادت إلى جانب ألمانيا وبريطانيا (تحت مظلة E3 الأوروبية) دعوة عاجلة لاجتماع وزاري طارئ. وطالبت إيران بالدخول الفوري في مفاوضات جديدة مع واشنطن، لتجنّب اندلاع نزاع إقليمي واسع قد تتجاوز نيرانه الخليج ليصل إلى المتوسط وربما ما هو أبعد.
سياسة ما بعد الصواريخ
في اليوم التالي للهجوم، بدا واضحًا أن الأمور تتجه نحو التهدئة. روسيا، رغم دعمها المبدئي لإيران، دعت لضبط النفس، كما عبّر الاتحاد الأوروبي عن “قلقه البالغ”، بينما أعاد الأمين العام للأمم المتحدة التأكيد على ضرورة العودة إلى طاولة الحوار.
وسط كل هذه الأحداث، كان لافتًا أن التصعيد – رغم قسوته الظاهرية – لم يُخلّف ضحايا، ولم يُفتح المجال أمام ردود انتقامية متسلسلة. بدا وكأن الجميع كان يقف على حافة الهاوية دون نية حقيقية للسقوط. وربما كانت تلك “الإشعارات المسبقة” التي تبادلها الطرفان، هي ما أنقذ المنطقة من جولة حرب مفتوحة.
هكذا، بعد أيام من التوتر، وحملات القصف والتهديد والوساطات، عاد الحديث إلى المفاوضات. وعلى الرغم من ضبابية التفاصيل، فإن نهاية هذه الجولة لا تُخفي حقيقة أعمق: أن التهدئة – مهما بدت مؤكدة – ليست إلا هدنة معلّقة على خيط توتر دقيق، تحكمه الرسائل الصاروخية بقدر ما تحكمه الكلمات في المؤتمرات الصحفية.
