• يونيو 2, 2025
  • يونيو 2, 2025

إعداد وتقديم: سليمان ياسيني

للاستماع إلى المقال:

تستضيف مدينة نيس “مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات” الأسبوع المقبل، حيث ستكون حماية المحيطات الملوثة، التي تشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة وصيداً مفرطاً، في صلب جدول الأعمال. ويُعقد المؤتمر في ظل انقسام داخل المجتمع الدولي حول قضايا رئيسية، مثل التعدين في قاع البحار، والمعاهدة الدولية بشأن التلوث البلاستيكي، وتنظيم الصيد الجائر.

اعتباراً من الأحد المقبل، يجتمع في نيس أكثر من سبعين من قادة دول العالم، وآلاف المندوبين والعلماء وممثلي المنظمات غير الحكومية، على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، أحد أكثر بحار العالم تلوثاً، والذي سجّل حرارة قياسية بلغت 28.9 درجة مئوية في صيف العام الماضي.

“المحيطات في حالة طوارئ”

* لي جون هواوكيل الأمين العام للأمم المتحدة

وقال لي جون هوا، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة: “صحة المحيطات تتدهور، ومعها رفاه البشر”، معتبراً أن “المحيطات في حالة طوارئ”. وتغطي المحيطات أكثر من 70% من سطح الكرة الأرضية، وتشهد منذ عامين موجات حر غير مسبوقة تهدد تنوعها البيولوجي.

من جانبها، صرّحت ماريتسا تشان، سفيرة كوستاريكا لدى الأمم المتحدة، بأن المؤتمر سيكون فرصة “إما لعكس المسار الانحداري للمحيطات بحلول عام 2030، أو لتوثيق فشل البشرية في التحرك”. وتسعى كوستاريكا وفرنسا، المنظمتان للمؤتمر، إلى جمع تمويل قدره 100 مليار دولار لدعم التنمية المستدامة للمحيطات.

من المنتظر أن يُتوّج المؤتمر بخطة عمل تشغيلية تتضمن التزامات واضحة من الدول، إلى جانب إعلان سياسي يتم التفاوض بشأنه حالياً ويحظى بتوافق واسع.

رغم أهمية الحدث، من المتوقع أن تغيب الولايات المتحدة، التي تُعد أكبر مجال بحري في العالم، كما فعلت في مفاوضات المناخ. ففي أبريل الماضي، قرّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب فتح باب التعدين في المحيط الهادئ، متجاوزاً “السلطة الدولية لقاع البحار”، التي لم تنضم لها الولايات المتحدة بسبب عدم مصادقتها على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

“إما عكس المسار الانحداري الذي تشهده المحيطات بحلول العام 2030، وإما توثيق فشل البشرية في التحرك”

*  ماريتسا تشان  سفيرة كوستاريكا

فرنسا من جهتها وضعت أهدافاً طموحة للمؤتمر، إذ يأمل وزير الخارجية جان-نويل بارو أن يكون له أثر موازي لاتفاق باريس حول المناخ. كما عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن رغبته في جمع 60 مصادقة في نيس لتفعيل معاهدة حماية أعالي البحار التي أُقرت عام 2023.

المعاهدة التي وقعتها 115 دولة، تهدف إلى حماية النظم البيئية في المياه الدولية، والتي تغطي قرابة نصف سطح الأرض. وقد صادقت عليها حتى الآن 28 دولة فقط، إلى جانب الاتحاد الأوروبي. وتأمل فرنسا أيضاً توسيع التحالف المؤيد لتجميد التعدين في أعماق البحار، والذي يضم حالياً 32 دولة.

فاصلة علمية : من أين بدأ علم المحيطات؟

يُعد علم المحيطات (Oceanography) من أحدث العلوم البحرية نسبياً، وقد وُلد كنظام علمي مستقل في أواخر القرن التاسع عشر، وتحديداً خلال بعثة تشالنجر البريطانية (1872–1876)، التي تعتبر أول رحلة استكشافية علمية منظمة لدراسة أعماق البحار. حملت السفينة معدات بدائية لكنها كانت ثورية في ذلك الزمن، وقامت بجمع آلاف العينات من الكائنات البحرية، وقاست درجات الحرارة، والتيارات، وعمق المحيطات في أكثر من 300 موقع مختلف.

كانت نتائج بعثة تشالنجر بمثابة الشرارة الأولى لفهم أن المحيطات ليست مجرد فراغ مائي ضخم، بل أنظمة بيئية معقدة تتحكم بمناخ الأرض، وتؤثر في توازن الحياة عليها.

واليوم، بعد قرابة 150 عاماً، نجد أن المؤتمر الأممي في نيس يعود بنا إلى تلك الأسئلة الجوهرية: كيف نحمي هذا النظام الحيوي المعقد؟ وهل سنتصرف بما يكفي قبل فوات الأوان؟


إعداد وتقديم: سليمان ياسيني

للاستماع إلى المقال:

تستضيف مدينة نيس “مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات” الأسبوع المقبل، حيث ستكون حماية المحيطات الملوثة، التي تشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة وصيداً مفرطاً، في صلب جدول الأعمال. ويُعقد المؤتمر في ظل انقسام داخل المجتمع الدولي حول قضايا رئيسية، مثل التعدين في قاع البحار، والمعاهدة الدولية بشأن التلوث البلاستيكي، وتنظيم الصيد الجائر.

اعتباراً من الأحد المقبل، يجتمع في نيس أكثر من سبعين من قادة دول العالم، وآلاف المندوبين والعلماء وممثلي المنظمات غير الحكومية، على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، أحد أكثر بحار العالم تلوثاً، والذي سجّل حرارة قياسية بلغت 28.9 درجة مئوية في صيف العام الماضي.

“المحيطات في حالة طوارئ”

* لي جون هواوكيل الأمين العام للأمم المتحدة

وقال لي جون هوا، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة: “صحة المحيطات تتدهور، ومعها رفاه البشر”، معتبراً أن “المحيطات في حالة طوارئ”. وتغطي المحيطات أكثر من 70% من سطح الكرة الأرضية، وتشهد منذ عامين موجات حر غير مسبوقة تهدد تنوعها البيولوجي.

من جانبها، صرّحت ماريتسا تشان، سفيرة كوستاريكا لدى الأمم المتحدة، بأن المؤتمر سيكون فرصة “إما لعكس المسار الانحداري للمحيطات بحلول عام 2030، أو لتوثيق فشل البشرية في التحرك”. وتسعى كوستاريكا وفرنسا، المنظمتان للمؤتمر، إلى جمع تمويل قدره 100 مليار دولار لدعم التنمية المستدامة للمحيطات.

من المنتظر أن يُتوّج المؤتمر بخطة عمل تشغيلية تتضمن التزامات واضحة من الدول، إلى جانب إعلان سياسي يتم التفاوض بشأنه حالياً ويحظى بتوافق واسع.

رغم أهمية الحدث، من المتوقع أن تغيب الولايات المتحدة، التي تُعد أكبر مجال بحري في العالم، كما فعلت في مفاوضات المناخ. ففي أبريل الماضي، قرّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب فتح باب التعدين في المحيط الهادئ، متجاوزاً “السلطة الدولية لقاع البحار”، التي لم تنضم لها الولايات المتحدة بسبب عدم مصادقتها على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

“إما عكس المسار الانحداري الذي تشهده المحيطات بحلول العام 2030، وإما توثيق فشل البشرية في التحرك”

*  ماريتسا تشان  سفيرة كوستاريكا

فرنسا من جهتها وضعت أهدافاً طموحة للمؤتمر، إذ يأمل وزير الخارجية جان-نويل بارو أن يكون له أثر موازي لاتفاق باريس حول المناخ. كما عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن رغبته في جمع 60 مصادقة في نيس لتفعيل معاهدة حماية أعالي البحار التي أُقرت عام 2023.

المعاهدة التي وقعتها 115 دولة، تهدف إلى حماية النظم البيئية في المياه الدولية، والتي تغطي قرابة نصف سطح الأرض. وقد صادقت عليها حتى الآن 28 دولة فقط، إلى جانب الاتحاد الأوروبي. وتأمل فرنسا أيضاً توسيع التحالف المؤيد لتجميد التعدين في أعماق البحار، والذي يضم حالياً 32 دولة.

فاصلة علمية : من أين بدأ علم المحيطات؟

يُعد علم المحيطات (Oceanography) من أحدث العلوم البحرية نسبياً، وقد وُلد كنظام علمي مستقل في أواخر القرن التاسع عشر، وتحديداً خلال بعثة تشالنجر البريطانية (1872–1876)، التي تعتبر أول رحلة استكشافية علمية منظمة لدراسة أعماق البحار. حملت السفينة معدات بدائية لكنها كانت ثورية في ذلك الزمن، وقامت بجمع آلاف العينات من الكائنات البحرية، وقاست درجات الحرارة، والتيارات، وعمق المحيطات في أكثر من 300 موقع مختلف.

كانت نتائج بعثة تشالنجر بمثابة الشرارة الأولى لفهم أن المحيطات ليست مجرد فراغ مائي ضخم، بل أنظمة بيئية معقدة تتحكم بمناخ الأرض، وتؤثر في توازن الحياة عليها.

واليوم، بعد قرابة 150 عاماً، نجد أن المؤتمر الأممي في نيس يعود بنا إلى تلك الأسئلة الجوهرية: كيف نحمي هذا النظام الحيوي المعقد؟ وهل سنتصرف بما يكفي قبل فوات الأوان؟


في العمق : مؤتمر نيس للمحيطات، صراع عالمي على مستقبل البحار في ظل طوارئ بيئية متفاقمة