• يوليو 7, 2025
  • يوليو 7, 2025

إذاعة الشرق

شكّلت ردود الفعل الجماهيرية محورًا رئيسيًا في تغطية معظم المقالات حول مهرجان أفينيون المسرحي في دورته الـ79؛ إذ وصفت صحيفة “لو موند” العرض بأنه يترك “تأثيرًا يُربك المشاهد”، مشيرة إلى استقبال “متباين ومثير للجدل” تراوح بين التصفيق والصفير.

أما “ميديابارت” فرأت أن العرض “قسّم الجمهور منذ اللحظة الأولى”، فيما لخّص “راديو فرانس كولتور” الأجواء بعبارة: “هتافات واحتجاجات متزامنة”. ومن جهة أخرى، اعتبرت إذاعة “RFI ” أن هذا الانقسام بحد ذاته دليل على “حدة الطرح الفني وقدرته على زعزعة الثوابت”.

ألف ليلة وليلة: الإحالة المُعلَنة والقطيعة الفعليّة

أساس العمل المُصرَّح به هو استلهام ألف ليلة وليلة. هنا يفترق النقّاد: في لو موند يُقال إن الرهان على ضخامة المتن الأصلي «أثقل توقُّعات الجمهور» ثم خُذل عندما «ابتعد العرض عن أي أثرٍ للحكاية».

في الوقت الذي ذهبت لو فيغارو أبعد، لتصف العرض بأنّه «جراند غينيول سريع التحوّل إلى عملٍ مُنهِك» ولا تجد فيه «سلطانًا أو شهرزاد أو حتى سجّادةً سحريّة واحدة» وبهذا فبدل عرض مترابط مستلهم من ألف ليلة وليلة، اندفع العرض نحو فوضى حسية ودموية، في شكل تجد فيه ما هو “مذهل” لكنه لا يظل مرتبطًا بأساس السرد. وهذا بالضبط ما قصده الناقد بكونه “منهكًا” وخالٍ من رموز ألف ليلة وليلة..

في المقابل، ترى تيليراما أنّ تحطيم السرد التقليدي مقصودٌ «لتحرير المخيّلة من إسقاطات استشراقيّة».

ألف ليلة وليلة: الإحالة المُعلَنة والقطيعة الفعلية

ينطلق العمل من إحالة صريحة إلى ألف ليلة وليلة، لكن هذا الاستلهام سرعان ما يتحوّل إلى قطيعة، ما أثار انقسامًا حادًّا بين النقّاد. فصحيفة “لو موند” رأت أن التعويل على ضخامة المتن الأصلي قد “أثقل توقّعات الجمهور”، ليُصابوا لاحقًا بخيبة حين “ابتعد العرض عن أي أثر للحكاية”.

أما “لو فيغارو” فقد كانت أكثر حدّة، إذ وصفت العرض بأنه “جراند غينيول سريع التحوّل إلى عمل مُنهِك”، مؤكدة غياب “السلطان، وشهرزاد، وحتى سجادة سحرية واحدة”، معتبرة أن العرض انزلق من كونه إعادة تشكيل ملهمة لنصّ كلاسيكي إلى “فوضى حسية ودموية”، قد تكون “مذهلة بصريًا”، لكنها تفتقر للتماسك السردي والرمزي المستوحى من النص الأصلي.

في المقابل، قدّمت “تيليراما” قراءة مغايرة، معتبرة أن تحطيم السرد التقليدي كان مقصودًا، في محاولة لـ”تحرير المخيّلة من إسقاطات استشراقية” لطالما ارتبطت بالنص ومخياله.

الموسيقى والهندسة السينوغرافية

كادت الآراء النقدية تتفق على قوة البُعد الموسيقي في العرض؛ حيث أشادت لُوي دوليفييه بتوليف موسيقي يمتدّ “من برنس إلى نِك كايف، مرورًا بسترافينسكي”، معتبرة أنه حوّل الخشبة إلى “ساحة معركة”. من جانبه، لاحظ موقع سين ويب كيف أعادت “الشبكات المعدنية الشبيهة بأقفاص السجون” و”لحف المستشفى” تشكيل الفضاء المسرحي، ليصبح مكانًا متقلّبًا “بين الحميمي والعنيف”. وحتى أكثر النقّاد تشددًا في لو فيغارو لم يُنكروا أن “حسّ الكرنفال” لدى فريتاس “يظلّ متفرّدًا ولافتًا”.

تقاطعات مع الواقع السياسي

رغم أن العرض لا يتناول القضية الفلسطينية بشكل مباشر، إلا أن توقيت افتتاح دورةٍ تُكرِّم اللغة العربية، بعد ساعات من بيان المهرجان المُندّد بما يحدث في غزة، دفع عددًا من النقّاد إلى قراءة العمل في ضوء هذا السياق. فقد رأى مقال في “فرانس 24″ أن “تراكم مشاهد الدم والصراخ” يحاكي “صدمة الأخبار العاجلة”، فيما أشارت “ميديابارت” إلى أن “البعد البرلسكي” في العرض “يلمع كمرآة ساخرة لوحشية الواقع السياسي”.

ورغم الطابع الاحتفائي باللغة العربية للمرة الأولى في تاريخ المهرجان، واستلهام العرض للتراث العربي، فإن التغطية العربية بقيت محدودة، ولم تُخصَّص له قراءات نقدية موسّعة. ركّزت معظم المقالات العربية على أن الإعلان المسبق عن استلهام ألف ليلة وليلة خلق توقعًا لحكاية مسرحية تقليدية، بينما واجه الجمهور تركيبًا بصريًا وجسديًا “غرائبيًا”، أقرب إلى “الكرنفال” أو حتى “الجراند غينيول”، بحسب وصف بعض النقاد الفرنسيين، وهو ما يفسّر التباين في ردود الفعل.

بين الجمالية والسياسة: عرضٌ محفوف بالوعود

تكشف قراءات النقّاد أن عرض Nôt  عملٌ مفخّخ بوعودٍ جمالية وسياسية متشابكة؛ قوّته الكبرى تكمن في حضوره الجسدي والموسيقي الطاغي، وضعفه الأوضح في بنيته السردية التي تُحيل إلى المتن الأصلي ثم تتخلّى عنه. الانقسام الحاد حول العرض لا يُعدّ فشلًا خالصًا ولا نجاحًا مطلقًا، بل تجسيدًا لرسالة مدير المهرجان: “الدور الأول للفنّ هو إتاحة فضاءٍ للحوار الصعب”. وعلى هذا النحو، يبدو أن الافتتاح، بقدر ما أثار الجدل، نجح في ترسيخ شعار الدورة: فنّ يواجه العالم، لا يهادنه.

إذاعة الشرق

شكّلت ردود الفعل الجماهيرية محورًا رئيسيًا في تغطية معظم المقالات حول مهرجان أفينيون المسرحي في دورته الـ79؛ إذ وصفت صحيفة “لو موند” العرض بأنه يترك “تأثيرًا يُربك المشاهد”، مشيرة إلى استقبال “متباين ومثير للجدل” تراوح بين التصفيق والصفير.

أما “ميديابارت” فرأت أن العرض “قسّم الجمهور منذ اللحظة الأولى”، فيما لخّص “راديو فرانس كولتور” الأجواء بعبارة: “هتافات واحتجاجات متزامنة”. ومن جهة أخرى، اعتبرت إذاعة “RFI ” أن هذا الانقسام بحد ذاته دليل على “حدة الطرح الفني وقدرته على زعزعة الثوابت”.

ألف ليلة وليلة: الإحالة المُعلَنة والقطيعة الفعليّة

أساس العمل المُصرَّح به هو استلهام ألف ليلة وليلة. هنا يفترق النقّاد: في لو موند يُقال إن الرهان على ضخامة المتن الأصلي «أثقل توقُّعات الجمهور» ثم خُذل عندما «ابتعد العرض عن أي أثرٍ للحكاية».

في الوقت الذي ذهبت لو فيغارو أبعد، لتصف العرض بأنّه «جراند غينيول سريع التحوّل إلى عملٍ مُنهِك» ولا تجد فيه «سلطانًا أو شهرزاد أو حتى سجّادةً سحريّة واحدة» وبهذا فبدل عرض مترابط مستلهم من ألف ليلة وليلة، اندفع العرض نحو فوضى حسية ودموية، في شكل تجد فيه ما هو “مذهل” لكنه لا يظل مرتبطًا بأساس السرد. وهذا بالضبط ما قصده الناقد بكونه “منهكًا” وخالٍ من رموز ألف ليلة وليلة..

في المقابل، ترى تيليراما أنّ تحطيم السرد التقليدي مقصودٌ «لتحرير المخيّلة من إسقاطات استشراقيّة».

ألف ليلة وليلة: الإحالة المُعلَنة والقطيعة الفعلية

ينطلق العمل من إحالة صريحة إلى ألف ليلة وليلة، لكن هذا الاستلهام سرعان ما يتحوّل إلى قطيعة، ما أثار انقسامًا حادًّا بين النقّاد. فصحيفة “لو موند” رأت أن التعويل على ضخامة المتن الأصلي قد “أثقل توقّعات الجمهور”، ليُصابوا لاحقًا بخيبة حين “ابتعد العرض عن أي أثر للحكاية”.

أما “لو فيغارو” فقد كانت أكثر حدّة، إذ وصفت العرض بأنه “جراند غينيول سريع التحوّل إلى عمل مُنهِك”، مؤكدة غياب “السلطان، وشهرزاد، وحتى سجادة سحرية واحدة”، معتبرة أن العرض انزلق من كونه إعادة تشكيل ملهمة لنصّ كلاسيكي إلى “فوضى حسية ودموية”، قد تكون “مذهلة بصريًا”، لكنها تفتقر للتماسك السردي والرمزي المستوحى من النص الأصلي.

في المقابل، قدّمت “تيليراما” قراءة مغايرة، معتبرة أن تحطيم السرد التقليدي كان مقصودًا، في محاولة لـ”تحرير المخيّلة من إسقاطات استشراقية” لطالما ارتبطت بالنص ومخياله.

الموسيقى والهندسة السينوغرافية

كادت الآراء النقدية تتفق على قوة البُعد الموسيقي في العرض؛ حيث أشادت لُوي دوليفييه بتوليف موسيقي يمتدّ “من برنس إلى نِك كايف، مرورًا بسترافينسكي”، معتبرة أنه حوّل الخشبة إلى “ساحة معركة”. من جانبه، لاحظ موقع سين ويب كيف أعادت “الشبكات المعدنية الشبيهة بأقفاص السجون” و”لحف المستشفى” تشكيل الفضاء المسرحي، ليصبح مكانًا متقلّبًا “بين الحميمي والعنيف”. وحتى أكثر النقّاد تشددًا في لو فيغارو لم يُنكروا أن “حسّ الكرنفال” لدى فريتاس “يظلّ متفرّدًا ولافتًا”.

تقاطعات مع الواقع السياسي

رغم أن العرض لا يتناول القضية الفلسطينية بشكل مباشر، إلا أن توقيت افتتاح دورةٍ تُكرِّم اللغة العربية، بعد ساعات من بيان المهرجان المُندّد بما يحدث في غزة، دفع عددًا من النقّاد إلى قراءة العمل في ضوء هذا السياق. فقد رأى مقال في “فرانس 24″ أن “تراكم مشاهد الدم والصراخ” يحاكي “صدمة الأخبار العاجلة”، فيما أشارت “ميديابارت” إلى أن “البعد البرلسكي” في العرض “يلمع كمرآة ساخرة لوحشية الواقع السياسي”.

ورغم الطابع الاحتفائي باللغة العربية للمرة الأولى في تاريخ المهرجان، واستلهام العرض للتراث العربي، فإن التغطية العربية بقيت محدودة، ولم تُخصَّص له قراءات نقدية موسّعة. ركّزت معظم المقالات العربية على أن الإعلان المسبق عن استلهام ألف ليلة وليلة خلق توقعًا لحكاية مسرحية تقليدية، بينما واجه الجمهور تركيبًا بصريًا وجسديًا “غرائبيًا”، أقرب إلى “الكرنفال” أو حتى “الجراند غينيول”، بحسب وصف بعض النقاد الفرنسيين، وهو ما يفسّر التباين في ردود الفعل.

بين الجمالية والسياسة: عرضٌ محفوف بالوعود

تكشف قراءات النقّاد أن عرض Nôt  عملٌ مفخّخ بوعودٍ جمالية وسياسية متشابكة؛ قوّته الكبرى تكمن في حضوره الجسدي والموسيقي الطاغي، وضعفه الأوضح في بنيته السردية التي تُحيل إلى المتن الأصلي ثم تتخلّى عنه. الانقسام الحاد حول العرض لا يُعدّ فشلًا خالصًا ولا نجاحًا مطلقًا، بل تجسيدًا لرسالة مدير المهرجان: “الدور الأول للفنّ هو إتاحة فضاءٍ للحوار الصعب”. وعلى هذا النحو، يبدو أن الافتتاح، بقدر ما أثار الجدل، نجح في ترسيخ شعار الدورة: فنّ يواجه العالم، لا يهادنه.

قراءة في الصحافة بعد عرض افتتاح مهرجان أفينيون