اذاعة الشرق
ماهر حافظ الأسد، الأخ الأصغر للرئيس السوري السابق بشار الأسد، كان أحد أكثر الشخصيات نفوذًا في النظام السوري لعقود. كقائد للفرقة الرابعة المدرعة، شكّل ركيزة أساسية في بنية النظام الأمنية والعسكرية، حيث لعب دورًا رئيسيًا في قمع الاحتجاجات الشعبية منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011. وعلى الرغم من بروز شقيقه باسل في البداية كخليفة لحافظ الأسد، إلا أن وفاته المفاجئة أعادت رسم خارطة النفوذ داخل العائلة الحاكمة، مما جعل ماهر لاعبًا أساسيًا في المشهد السياسي والعسكري السوري، حتى انهيار النظام عام 2024.
الصعود إلى السلطة والتأثير العائلي
وُلد ماهر الأسد في 8 ديسمبر 1967، ونشأ داخل الأسرة الحاكمة التي رسّخت نفوذها في سوريا منذ انقلاب والده حافظ الأسد عام 1970.
كان باسل الأسد الابن الأكبر لحافظ هو الخليفة المنتظر، لكن مقتله المفاجئ في حادث سيارة عام 1994 غيّر مسار العائلة. برز بشار كخيار بديل للرئاسة، في حين بقي ماهر في الخلفية، لكنه حرص على تثبيت أقدامه داخل المؤسسة العسكرية والأمنية.
ورغم أن ماهر لم يكن المرشح الأوفر حظًا لخلافة والده، إلا أنه تمكن من فرض حضوره في دوائر السلطة، حيث عرف بشخصيته الحادة وطباعه الصارمة، وهو ما أهّله لاحقًا لقيادة أبرز تشكيلات الجيش السوري: الفرقة الرابعة المدرعة، التي باتت بمثابة قوة حرس خاص للعائلة الحاكمة.
الدور العسكري: من الجيش إلى مافيا السلطة
تُعتبر الفرقة الرابعة من أقوى وحدات الجيش السوري، حيث كانت تحظى بتجهيزات عسكرية متطورة ودعم مباشر من إيران. لعب ماهر دورًا محوريًا في استخدامها كأداة لقمع أي تهديد داخلي، بداية من أحداث ربيع دمشق في عام 2000، مرورًا بالاحتجاجات المناهضة للنظام في درعا عام 2011، وصولًا إلى الحرب الأهلية السورية التي استمرت لسنوات.
لم يكن ماهر مجرد قائد عسكري، بل شكل عبر نفوذه داخل الأجهزة الأمنية “دولة داخل الدولة”، حيث أدار عمليات واسعة من التهريب والاقتصاد الموازي، لا سيما في مجالات النفط والمخدرات. تحوّلت الفرقة الرابعة تحت قيادته إلى شبكة نفوذ اقتصادية بقدر ما كانت قوة عسكرية، إذ لعبت دورًا في شبكات التهريب عبر الحدود مع لبنان والعراق، مما جعله أحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في النظام السوري.
ماهر الأسد والثورة السورية
مع اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، كان ماهر أحد أبرز وجوه القمع العسكري. قاد عمليات عنيفة ضد المتظاهرين، وخاصة في درعا، التي شهدت بداية الاحتجاجات. وتتهمه منظمات حقوقية بالتورط في عمليات قتل جماعي وتعذيب ممنهج للمعارضين.
ورغم العقوبات الدولية التي فُرضت عليه من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، واصل ماهر استراتيجيته القائمة على العنف المفرط، ما أدى إلى تفاقم الصراع وتحوله إلى حرب أهلية. وكان له دور رئيسي في استخدام الأسلحة الثقيلة، بما في ذلك البراميل المتفجرة في قصف المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام.
العلاقة مع إيران وروسيا: بين الولاء والتنافس
لطالما كان ماهر الأسد أكثر ميلًا نحو إيران مقارنة بشقيقه بشار، حيث عزز التعاون العسكري والاقتصادي مع طهران، خاصة في مجال دعم الميليشيات الشيعية، مثل حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي. وبفضل هذا الدعم، تمكنت الفرقة الرابعة من تعزيز نفوذها داخل سوريا، ما أثار في بعض الأحيان توترًا مع روسيا، التي كانت تسعى إلى ضبط إيقاع التحالفات داخل النظام السوري.
لكن بحلول عام 2021، ظهرت تقارير تفيد بأن ماهر بدأ يميل إلى تقليص الهيمنة الإيرانية على القرار السوري، وبرز كأحد الشخصيات التي تدعو إلى إعادة التوازن في العلاقات الخارجية، بما يسمح بإعادة بناء علاقات مع الدول العربية المجاورة، وخاصة الخليجية. ورغم هذا التوجه، بقي النفوذ الإيراني حاضرًا بقوة في دائرته، ما جعله شخصية محورية في الصراع بين التيارات داخل النظام.
الاغتيالات والملفات الأمنية
اسم ماهر لم يقتصر على الداخل السوري، فقد ورد اسمه في تقارير دولية تتعلق باغتيال شخصيات معارضة، من أبرزها رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى تورطه المحتمل في التخطيط والتنفيذ، وهو ما عزز فرض المزيد من العقوبات عليه دوليًا.
كما وُجهت إليه اتهامات بالمسؤولية عن تصفيات داخلية شملت شخصيات عسكرية وأمنية سورية، خاصة خلال السنوات الأولى من الحرب، حيث سعى إلى تحييد أي منافسين محتملين داخل المؤسسة العسكرية.
الانهيار السياسي وسقوط النظام
رغم كل محاولاته لتعزيز نفوذه، شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا تدريجيًا لنفوذ ماهر الأسد، خاصة مع تصاعد الضغوط الدولية وتراجع قدرات النظام الاقتصادية والعسكرية. وبحلول عام 2024، تزايدت الانقسامات داخل الجيش والأجهزة الأمنية، ما أدى إلى انهيار النظام السوري في ظل ظروف سياسية وعسكرية معقدة.
ومع سقوط النظام بات مصير ماهر غير واضح، حيث اختفى عن الأنظار وسط تقارير متضاربة حول هروبه إلى إيران أو بقائه فية سوريا تحت حماية فصائل موالية له.
ماهر الأسد لم يكن مجرد ضابط عسكري، بل كان أحد صانعي القرار الفعليين في النظام السوري، حيث أدار عمليات القمع والتصفية السياسية، وتحول إلى رمز للسلطة المستبدة. ورغم بقائه في الظل لسنوات، كان تأثيره حاضرًا في مسار الأحداث السورية، حتى انهيار النظام الذي كان أحد أبرز أركانه
اذاعة الشرق
ماهر حافظ الأسد، الأخ الأصغر للرئيس السوري السابق بشار الأسد، كان أحد أكثر الشخصيات نفوذًا في النظام السوري لعقود. كقائد للفرقة الرابعة المدرعة، شكّل ركيزة أساسية في بنية النظام الأمنية والعسكرية، حيث لعب دورًا رئيسيًا في قمع الاحتجاجات الشعبية منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011. وعلى الرغم من بروز شقيقه باسل في البداية كخليفة لحافظ الأسد، إلا أن وفاته المفاجئة أعادت رسم خارطة النفوذ داخل العائلة الحاكمة، مما جعل ماهر لاعبًا أساسيًا في المشهد السياسي والعسكري السوري، حتى انهيار النظام عام 2024.
الصعود إلى السلطة والتأثير العائلي
وُلد ماهر الأسد في 8 ديسمبر 1967، ونشأ داخل الأسرة الحاكمة التي رسّخت نفوذها في سوريا منذ انقلاب والده حافظ الأسد عام 1970.
كان باسل الأسد الابن الأكبر لحافظ هو الخليفة المنتظر، لكن مقتله المفاجئ في حادث سيارة عام 1994 غيّر مسار العائلة. برز بشار كخيار بديل للرئاسة، في حين بقي ماهر في الخلفية، لكنه حرص على تثبيت أقدامه داخل المؤسسة العسكرية والأمنية.
ورغم أن ماهر لم يكن المرشح الأوفر حظًا لخلافة والده، إلا أنه تمكن من فرض حضوره في دوائر السلطة، حيث عرف بشخصيته الحادة وطباعه الصارمة، وهو ما أهّله لاحقًا لقيادة أبرز تشكيلات الجيش السوري: الفرقة الرابعة المدرعة، التي باتت بمثابة قوة حرس خاص للعائلة الحاكمة.
الدور العسكري: من الجيش إلى مافيا السلطة
تُعتبر الفرقة الرابعة من أقوى وحدات الجيش السوري، حيث كانت تحظى بتجهيزات عسكرية متطورة ودعم مباشر من إيران. لعب ماهر دورًا محوريًا في استخدامها كأداة لقمع أي تهديد داخلي، بداية من أحداث ربيع دمشق في عام 2000، مرورًا بالاحتجاجات المناهضة للنظام في درعا عام 2011، وصولًا إلى الحرب الأهلية السورية التي استمرت لسنوات.
لم يكن ماهر مجرد قائد عسكري، بل شكل عبر نفوذه داخل الأجهزة الأمنية “دولة داخل الدولة”، حيث أدار عمليات واسعة من التهريب والاقتصاد الموازي، لا سيما في مجالات النفط والمخدرات. تحوّلت الفرقة الرابعة تحت قيادته إلى شبكة نفوذ اقتصادية بقدر ما كانت قوة عسكرية، إذ لعبت دورًا في شبكات التهريب عبر الحدود مع لبنان والعراق، مما جعله أحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في النظام السوري.
ماهر الأسد والثورة السورية
مع اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، كان ماهر أحد أبرز وجوه القمع العسكري. قاد عمليات عنيفة ضد المتظاهرين، وخاصة في درعا، التي شهدت بداية الاحتجاجات. وتتهمه منظمات حقوقية بالتورط في عمليات قتل جماعي وتعذيب ممنهج للمعارضين.
ورغم العقوبات الدولية التي فُرضت عليه من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، واصل ماهر استراتيجيته القائمة على العنف المفرط، ما أدى إلى تفاقم الصراع وتحوله إلى حرب أهلية. وكان له دور رئيسي في استخدام الأسلحة الثقيلة، بما في ذلك البراميل المتفجرة في قصف المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام.
العلاقة مع إيران وروسيا: بين الولاء والتنافس
لطالما كان ماهر الأسد أكثر ميلًا نحو إيران مقارنة بشقيقه بشار، حيث عزز التعاون العسكري والاقتصادي مع طهران، خاصة في مجال دعم الميليشيات الشيعية، مثل حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي. وبفضل هذا الدعم، تمكنت الفرقة الرابعة من تعزيز نفوذها داخل سوريا، ما أثار في بعض الأحيان توترًا مع روسيا، التي كانت تسعى إلى ضبط إيقاع التحالفات داخل النظام السوري.
لكن بحلول عام 2021، ظهرت تقارير تفيد بأن ماهر بدأ يميل إلى تقليص الهيمنة الإيرانية على القرار السوري، وبرز كأحد الشخصيات التي تدعو إلى إعادة التوازن في العلاقات الخارجية، بما يسمح بإعادة بناء علاقات مع الدول العربية المجاورة، وخاصة الخليجية. ورغم هذا التوجه، بقي النفوذ الإيراني حاضرًا بقوة في دائرته، ما جعله شخصية محورية في الصراع بين التيارات داخل النظام.
الاغتيالات والملفات الأمنية
اسم ماهر لم يقتصر على الداخل السوري، فقد ورد اسمه في تقارير دولية تتعلق باغتيال شخصيات معارضة، من أبرزها رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى تورطه المحتمل في التخطيط والتنفيذ، وهو ما عزز فرض المزيد من العقوبات عليه دوليًا.
كما وُجهت إليه اتهامات بالمسؤولية عن تصفيات داخلية شملت شخصيات عسكرية وأمنية سورية، خاصة خلال السنوات الأولى من الحرب، حيث سعى إلى تحييد أي منافسين محتملين داخل المؤسسة العسكرية.
الانهيار السياسي وسقوط النظام
رغم كل محاولاته لتعزيز نفوذه، شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا تدريجيًا لنفوذ ماهر الأسد، خاصة مع تصاعد الضغوط الدولية وتراجع قدرات النظام الاقتصادية والعسكرية. وبحلول عام 2024، تزايدت الانقسامات داخل الجيش والأجهزة الأمنية، ما أدى إلى انهيار النظام السوري في ظل ظروف سياسية وعسكرية معقدة.
ومع سقوط النظام بات مصير ماهر غير واضح، حيث اختفى عن الأنظار وسط تقارير متضاربة حول هروبه إلى إيران أو بقائه فية سوريا تحت حماية فصائل موالية له.
ماهر الأسد لم يكن مجرد ضابط عسكري، بل كان أحد صانعي القرار الفعليين في النظام السوري، حيث أدار عمليات القمع والتصفية السياسية، وتحول إلى رمز للسلطة المستبدة. ورغم بقائه في الظل لسنوات، كان تأثيره حاضرًا في مسار الأحداث السورية، حتى انهيار النظام الذي كان أحد أبرز أركانه
