إذاعة الشرق
“أنا عايشة يا بابا”… صرخةٌ من بين دخان السارين
“أنا عايشة يا بابا”… عبارة صغيرة قالتها طفلة وهي تُسحب من بين عشرات الجثث في الغوطة الشرقية، فصارت أيقونة تختصر مجزرة الكيماوي في آب/أغسطس 2013. تلك الكلمات التي نُقلت في شهادات الناجين لم تكن مجرد صرخة نجاة، بل إعلان حياة في وجه موت جماعي حاصر آلاف المدنيين.
أبو ياسر، أحد الناجين، يروي: “استيقظنا على رائحة خانقة. رأيت أطفالي يتساقطون واحدًا تلو الآخر. حاولت إنقاذهم، لكن الهواء نفسه كان سلاحًا قاتلًا. لم أنسَ صراخ ابنتي: أنا عايشة يا بابا، قبل أن تغيب عن الوعي.”
أم أحمد، التي فقدت زوجها وأربعة من أقاربها، تقول: “كانت الشوارع ممتلئة بالأجساد. لم يكن هناك وقت للبكاء، الكل يبحث عن قليل من الهواء النظيف، لكن السماء كانت محمّلة بالموت.”
صباح الموت في الغوطة
في مثل هذا اليوم، يستعيد السوريون ذكرى واحدة من أبشع الجرائم في تاريخهم الحديث.
ففي فجر الحادي والعشرين من آب عام 2013، تعرّضت الغوطة الشرقية لهجوم بغاز السارين المحرّم دوليًا. أكثر من 1100 مدني قضوا اختناقًا، فيما ترفع تقارير أخرى العدد إلى ما يزيد عن 1400 ضحية، بينهم مئات الأطفال والنساء.
عشرات الآلاف أصيبوا بحالات اختناق وتسمم، في مشهد وصفه الناجون بأنه “نوم جماعي نحو الموت”.
اليوم، وبعد اثني عشر عامًا، لا تزال صور تلك الليلة حاضرة في ذاكرة السوريين، وتُحييها فعاليات رمزية ورسائل تطالب بالعدالة وكشف الحقيقة.
مأساة بلا محاسبة
رغم أن الجريمة صُنفت كواحدة من أسوأ هجمات الأسلحة الكيماوية في العصر الحديث، فإن العدالة لم تُنجز. المجتمع الدولي اكتفى باتفاقٍ لتفكيك الترسانة الكيماوية المعلنة للنظام، فيما بقيت دماء الضحايا بلا إنصاف. بالنسبة لعائلات الغوطة، لم يكن السؤال عن مصير السلاح فقط، بل عن مصير من استخدمه.
ذاكرة مقاومة للنسيان
اليوم، وبعد اثني عشر عامًا، تعود الذكرى محمّلة بالصور والشهادات. الناجون وأهالي الضحايا يصرّون على أن المجزرة لن تُختصر في الأرقام، وأن كلمات الأطفال الذين نطقوا بالنجاة في اللحظات الأخيرة ستظل حاضرة كوصية للذاكرة.
إحياء ذكرى الكيماوي ليس طقسًا للحزن فحسب، بل التزام أخلاقي بأن لا يُطوى الملف دون محاسبة. إن سوريا الجديدة لن تُكتب من دون كشف الحقيقة، وإلا فإن صرخة “أنا عايشة يا بابا” ستظل تطارد الجميع كجرس إنذارٍ متجدد بأن الجرائم الكبرى لا تموت بالتقادم.
إذاعة الشرق
“أنا عايشة يا بابا”… صرخةٌ من بين دخان السارين
“أنا عايشة يا بابا”… عبارة صغيرة قالتها طفلة وهي تُسحب من بين عشرات الجثث في الغوطة الشرقية، فصارت أيقونة تختصر مجزرة الكيماوي في آب/أغسطس 2013. تلك الكلمات التي نُقلت في شهادات الناجين لم تكن مجرد صرخة نجاة، بل إعلان حياة في وجه موت جماعي حاصر آلاف المدنيين.
أبو ياسر، أحد الناجين، يروي: “استيقظنا على رائحة خانقة. رأيت أطفالي يتساقطون واحدًا تلو الآخر. حاولت إنقاذهم، لكن الهواء نفسه كان سلاحًا قاتلًا. لم أنسَ صراخ ابنتي: أنا عايشة يا بابا، قبل أن تغيب عن الوعي.”
أم أحمد، التي فقدت زوجها وأربعة من أقاربها، تقول: “كانت الشوارع ممتلئة بالأجساد. لم يكن هناك وقت للبكاء، الكل يبحث عن قليل من الهواء النظيف، لكن السماء كانت محمّلة بالموت.”
صباح الموت في الغوطة
في مثل هذا اليوم، يستعيد السوريون ذكرى واحدة من أبشع الجرائم في تاريخهم الحديث.
ففي فجر الحادي والعشرين من آب عام 2013، تعرّضت الغوطة الشرقية لهجوم بغاز السارين المحرّم دوليًا. أكثر من 1100 مدني قضوا اختناقًا، فيما ترفع تقارير أخرى العدد إلى ما يزيد عن 1400 ضحية، بينهم مئات الأطفال والنساء.
عشرات الآلاف أصيبوا بحالات اختناق وتسمم، في مشهد وصفه الناجون بأنه “نوم جماعي نحو الموت”.
اليوم، وبعد اثني عشر عامًا، لا تزال صور تلك الليلة حاضرة في ذاكرة السوريين، وتُحييها فعاليات رمزية ورسائل تطالب بالعدالة وكشف الحقيقة.
مأساة بلا محاسبة
رغم أن الجريمة صُنفت كواحدة من أسوأ هجمات الأسلحة الكيماوية في العصر الحديث، فإن العدالة لم تُنجز. المجتمع الدولي اكتفى باتفاقٍ لتفكيك الترسانة الكيماوية المعلنة للنظام، فيما بقيت دماء الضحايا بلا إنصاف. بالنسبة لعائلات الغوطة، لم يكن السؤال عن مصير السلاح فقط، بل عن مصير من استخدمه.
ذاكرة مقاومة للنسيان
اليوم، وبعد اثني عشر عامًا، تعود الذكرى محمّلة بالصور والشهادات. الناجون وأهالي الضحايا يصرّون على أن المجزرة لن تُختصر في الأرقام، وأن كلمات الأطفال الذين نطقوا بالنجاة في اللحظات الأخيرة ستظل حاضرة كوصية للذاكرة.
إحياء ذكرى الكيماوي ليس طقسًا للحزن فحسب، بل التزام أخلاقي بأن لا يُطوى الملف دون محاسبة. إن سوريا الجديدة لن تُكتب من دون كشف الحقيقة، وإلا فإن صرخة “أنا عايشة يا بابا” ستظل تطارد الجميع كجرس إنذارٍ متجدد بأن الجرائم الكبرى لا تموت بالتقادم.


