للاستماع للمقال :
روجيه خوري
دفعت التكلفة العالية لتسجيل الكتب بصوت بشري بعض منتجي النسخ الصوتية إلى الاستثمار في استنساخ الأصوات، والاعتماد على أصوات اصطناعية، وهي ظاهرة سلّط عليها الضوء “مهرجان باريس للكتاب”.
في تجارب سابقة، خاض رؤساء دول تحدّي القراءة بأنفسهم؛ فقد سجل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عام 2021 أكثر من 13 ساعة من مذكراته “Le Temps des tempêtes”، بينما سجّل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما كتابه “A Promised Land” عام 2020 في تسجيل دام 29 ساعة. أما في فرنسا، فقد استعان منتجون بممثلين محترفين؛ فوضع دوني بوداليديس صوته على رواية “مارتن إيدن” للكاتب جاك لندن، وقرأت لولا نايمارك رواية “الحوريات” التي نال كمال داود بفضلها جائزة غونكور الفرنسية.
لكن مستقبل هذه الصناعة، رغم ما تستدعيه من كلفة واحترافية، يواجه تحديًا متزايدًا مع صعود الذكاء الاصطناعي. وكان “مهرجان باريس للكتاب” (11-13 نيسان/أبريل) فرصة للإعلان عن تقنيات جديدة في هذا المجال. قالت شركة “ليبرينوفا”، وهي من أكبر دور النشر الذاتي في فرنسا، إنها تستخدم الآن تكنولوجيا “استنساخ الصوت” التي تعتمد على تسجيل المؤلف جزءًا صغيرًا من الكتاب بصوته، ثم يستكمل الذكاء الاصطناعي بقيّة النص بصوت مطابق، وبدقة أعلى من الأصوات الاصطناعية التقليدية.
فاصلة تاريخية:
في عشرينيات القرن الماضي، كانت أولى محاولات “الكتاب الصوتي” موجهة للمكفوفين، على أسطوانات فونوغرافية تحوي نصوصًا قصيرة تُقرأ ببطء. تطوّرت الفكرة تدريجيًا مع الراديو، ثم الكاسيت، فالأقراص المدمجة.
لكن دخول الذكاء الاصطناعي غيّر القواعد: لم يعد الصوت وسيلة نقل فقط، بل أصبح موضوع نقاش أخلاقي حول “من يروي القصة؟ الإنسان أم الآلة؟”.
من جهتها، أعلنت منصة “سبوتيفاي” عن استثمار مليون يورو في إنتاج كتب بأصوات اصطناعية تحاكي الصوت البشري. وأوضحت أن “ارتفاع تكاليف الإنتاج، والاعتماد المحدود على الكتب الصوتية، يحدّان من تنوّع العناوين المتاحة باللغة الفرنسية”.
وأكدت المنصة أنها لا تتخلى عن الكتب المقروءة بأصوات بشرية، بل تستمر في دعم الناشرين بتمويل جزئي للإنتاج، لتوسيع السوق. وقد أعلنت دار “أوغو”، بالتعاون مع “غلينا”، عن مشروع لإنتاج 200 كتاب جديد خلال ثلاث سنوات، باستخدام أصوات مختارة بعناية.
لكن ليس كل الناشرين قادرين على مواكبة هذا التطور. فبحسب “أوديبل” (التابعة لأمازون)، فقد كانت الكتب الصوتية في بداياتها تعتمد على الأصوات الاصطناعية، ثم تحوّلت تدريجيًا إلى البشر لخلق علاقة أقرب بالقارئ.
ورغم ذلك، فإن البحث اليوم في مكتبة “أوديبل” عن “الصوت الافتراضي” يعطي أكثر من 50 ألف نتيجة، معظمها كتب من تأليف كُتّاب غير معروفين.
وتتفاوت التقييمات حول جودة هذه القراءة؛ فبينما يرحب البعض بتطور التقنية، يرى آخرون أن الذكاء الاصطناعي لا يزال عاجزًا عن نقل المشاعر البشرية.
كما تقول الكاتبة الإنجليزية “أليسانيا” في منشور على منصة “إكس”:
“السرد باستخدام الذكاء الاصطناعي ليس جيدًا في إيصال مشاعر الشخصيات.”
فأصوات الكمبيوتر لا تتلعثم، ولا تخطئ في الأسماء، لكنها — حتى الآن — لا تعرف كيف تلهث، أو تتنفس، أو ترتبك، أو تبكي.
للاستماع للمقال :
روجيه خوري
دفعت التكلفة العالية لتسجيل الكتب بصوت بشري بعض منتجي النسخ الصوتية إلى الاستثمار في استنساخ الأصوات، والاعتماد على أصوات اصطناعية، وهي ظاهرة سلّط عليها الضوء “مهرجان باريس للكتاب”.
في تجارب سابقة، خاض رؤساء دول تحدّي القراءة بأنفسهم؛ فقد سجل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عام 2021 أكثر من 13 ساعة من مذكراته “Le Temps des tempêtes”، بينما سجّل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما كتابه “A Promised Land” عام 2020 في تسجيل دام 29 ساعة. أما في فرنسا، فقد استعان منتجون بممثلين محترفين؛ فوضع دوني بوداليديس صوته على رواية “مارتن إيدن” للكاتب جاك لندن، وقرأت لولا نايمارك رواية “الحوريات” التي نال كمال داود بفضلها جائزة غونكور الفرنسية.
لكن مستقبل هذه الصناعة، رغم ما تستدعيه من كلفة واحترافية، يواجه تحديًا متزايدًا مع صعود الذكاء الاصطناعي. وكان “مهرجان باريس للكتاب” (11-13 نيسان/أبريل) فرصة للإعلان عن تقنيات جديدة في هذا المجال. قالت شركة “ليبرينوفا”، وهي من أكبر دور النشر الذاتي في فرنسا، إنها تستخدم الآن تكنولوجيا “استنساخ الصوت” التي تعتمد على تسجيل المؤلف جزءًا صغيرًا من الكتاب بصوته، ثم يستكمل الذكاء الاصطناعي بقيّة النص بصوت مطابق، وبدقة أعلى من الأصوات الاصطناعية التقليدية.
فاصلة تاريخية:
في عشرينيات القرن الماضي، كانت أولى محاولات “الكتاب الصوتي” موجهة للمكفوفين، على أسطوانات فونوغرافية تحوي نصوصًا قصيرة تُقرأ ببطء. تطوّرت الفكرة تدريجيًا مع الراديو، ثم الكاسيت، فالأقراص المدمجة.
لكن دخول الذكاء الاصطناعي غيّر القواعد: لم يعد الصوت وسيلة نقل فقط، بل أصبح موضوع نقاش أخلاقي حول “من يروي القصة؟ الإنسان أم الآلة؟”.
من جهتها، أعلنت منصة “سبوتيفاي” عن استثمار مليون يورو في إنتاج كتب بأصوات اصطناعية تحاكي الصوت البشري. وأوضحت أن “ارتفاع تكاليف الإنتاج، والاعتماد المحدود على الكتب الصوتية، يحدّان من تنوّع العناوين المتاحة باللغة الفرنسية”.
وأكدت المنصة أنها لا تتخلى عن الكتب المقروءة بأصوات بشرية، بل تستمر في دعم الناشرين بتمويل جزئي للإنتاج، لتوسيع السوق. وقد أعلنت دار “أوغو”، بالتعاون مع “غلينا”، عن مشروع لإنتاج 200 كتاب جديد خلال ثلاث سنوات، باستخدام أصوات مختارة بعناية.
لكن ليس كل الناشرين قادرين على مواكبة هذا التطور. فبحسب “أوديبل” (التابعة لأمازون)، فقد كانت الكتب الصوتية في بداياتها تعتمد على الأصوات الاصطناعية، ثم تحوّلت تدريجيًا إلى البشر لخلق علاقة أقرب بالقارئ.
ورغم ذلك، فإن البحث اليوم في مكتبة “أوديبل” عن “الصوت الافتراضي” يعطي أكثر من 50 ألف نتيجة، معظمها كتب من تأليف كُتّاب غير معروفين.
وتتفاوت التقييمات حول جودة هذه القراءة؛ فبينما يرحب البعض بتطور التقنية، يرى آخرون أن الذكاء الاصطناعي لا يزال عاجزًا عن نقل المشاعر البشرية.
كما تقول الكاتبة الإنجليزية “أليسانيا” في منشور على منصة “إكس”:
“السرد باستخدام الذكاء الاصطناعي ليس جيدًا في إيصال مشاعر الشخصيات.”
فأصوات الكمبيوتر لا تتلعثم، ولا تخطئ في الأسماء، لكنها — حتى الآن — لا تعرف كيف تلهث، أو تتنفس، أو ترتبك، أو تبكي.
